الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ماذا نقل مبعوث بوتين في لقائه الأسد في دمشق؟ 

ماذا نقل مبعوث بوتين في لقائه الأسد في دمشق؟ 

04.07.2021
هبة محمد


القدس العربي 
الاحد 3/7/2021 
دمشق – "القدس العربي" : بعد زيارة المبعوث الخاص للرئيس الروسي، ألكسندر لافرينتيف والوفد المرافق له إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد، الخميس، اكتسبت أهميتها من توقيتها الحساس الذي أعقب جملة من الاحداث المترابطة والمتزامنة، كاجتماع دول التحالف في العاصمة الإيطالية روما قبل أيام، ولقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بنظيره التركي جاووش أوغلو في إنطاليا التركية، والتحضيرات الجارية على قدم وساق قبيل جولة مباحثات أستانة المكرسة لبحث الملف السوري في العاصمة الكازاخستانية، طرح السؤال: ماذا نقل مبعوث بوتين في زيارته إلى الأسد؟ 
وتأتي زيارة المسؤول الروسي وفق خبراء ومحليين، في وقت تعاظمت فيه خطورة الوضع الداخلي السوري "الكارثي" والذي من الممكن أن يقود إلى انفجارات جديدة داخل المجتمع السوري، لاسيما أن الجانب الروسي يملك وثائق تثبت أن مجمل من انتخب بشار الأسد في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لا يتجاوز عددهم مليونين ونصف المليون منتخب، ومن هنا استمدت زيارة المسؤول الروسي إلى دمشق، أهميتها نظراً لما تحمله من رسائل ودلالات لجهة ضرورة تحريك الملف السوري والبحث عن مخرج سياسي لاعتبارات كثيرة تتعلق بوجودهم وآفاق دورهم في المنطقة، وأيضاً جسامة الوضع الداخلي خوفاً من انهيار كامل. 
وذكرت الرئاسة السورية عبر حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي، أن الاجتماع السوري – الروسي تناول العلاقات الاستراتيجية بين البلدين ومجالات التعاون الثنائي، كما أكد "اللقاء الاهتمام المشترك والأولوية التي يعطيها الجانبان لتوسيع هذا التعاون في كل المجالات التي تسهم في تحقيق مصالح الشعبين الصديقين". 
 
هل هناك طبخة روسية – أمريكية ستنضج قريباً بخصوص سوريا؟ 
 
وأضافت الرئاسة السورية، بأن "الجانبين استعرضا آخر مستجداتِ الوضع في المنطقة والجهود التي تبذلها روسيا الاتحادية لدعم الشعب السوري في وجه كل ما يتعرض له من إرهابٍ وعقوبات انطلاقاً من موقفها الثابت بضرورة احترام مبادئ القانون الدولي وسيادة الدول وإرادة شعوبها واعتماد الحوار كمنطلقٍ أساسي ووحيدٍ لإيجاد الحلول للمشاكل والأزمات التي تنشأ في العالم". 
ووفقاً لوسائل إعلام روسية، فقد بحث المجتمعون التطورات على المسار السياسي سواء من خلال اجتماعات أستانة، أو اجتماعات لجنة مناقشة الدستور، كما عرض لافرينتيف لرئيس النظام التحضيرات الجارية لعقدِ الاجتماع المقبل بصيغة مسار أستانة، وتم التأكيد على ضرورة استمرار العمل على هذا المسار دون أي تدخلات خارجية تعرقل الوصول إلى نتائج إيجابية من خلال هذه الاجتماعات. 
 
دلالات الزيارة 
 
ومن المرتقب أن تجري اجتماعات أستانة في العاصمة الكازاخية، نور سلطان، في 7 يوليو/ تموز الجاري وعلى مدى يومين بمشاركة الدول الضامنة بالإضافة إلى وفدي الحكومة السورية والمعارضة المسلحة. 
وذكرت وكالة الإعلام النظام الرسمية "سانا" أن الاجتماع تناول "آخر التطورات على المسار السياسي سواء من خلال اجتماعات أستانة أو اجتماعات لجنة مناقشة الدستور، حيث حضر اللقاء من الجانب السوري اللواء علي مملوك رئيس مكتب الأمن الوطني والدكتورة بثينة شعبان المستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية والدكتور أيمن سوسان معاون وزير الخارجية والمغتربين ولونة الشبل المستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية ولؤي فلوح مدير إدارة أوروبا في وزارة الخارجية ومن الجانب الروسي السفير الروسي بدمشق ألكسندر يفيموف والوفد المرافق للمبعوث الخاص". 
وللحديث عن دلالات زيارة المبعوث الخاص للرئيس الروسي ألكسندر لافرينتيف، إلى دمشق، أبدى الخبير في شؤون الروسية – السورية، البروفيسور محمود الحمزة اعتقاده أن زيارة المسؤول الروسي ولقاءه رأس النظام السوري لها دلالات كثيرة، إذ أنها أعقبت لقاءً كبيراً بين لافروف ووزير الخارجية التركي، بحث خلاله الطرفان قضية الملف السوري والملفات ذات الأهمية للجانبين، في وقت يتم فيه التحضير لمفاوضات أستانة لبحث الملف السوري، كما كانت هناك اجتماعات كثيرة منها اجتماع دول الاتحاد الدولي في روما الذي ترأسه وزير الخارجية الأمريكي، وبحث خلاله الملف السوري وأكد على أن الحل يجب أن يكون وفق القرار 2254، كما جرت قمة بوتين – بايدن منذ أكثر من أسبوعين التي تطرقت إلى الملف السوري وأوضحت تصريحات بايدن وقتئذ أن طبيعة المناقشات التي جرت تشير إلى أن بشار الأسد شخص غير موثوق ولا يمكن التعامل معه بعدما ارتكب جرائم مستخدماً السلاح الكيميائي ضد شعبه. 
 
اصطدام روسي – سوري 
 
هذه الأحداث المترابطة، والمتزامنة مع زيارة لافرينتيف إلى دمشق، تستبق مفاوضات أستانة، لذلك فإنها تصب وفق الخبير السياسي الذي تحدث لـ"القدس العربي" في إطار "إطلاع المبعوث الروسي بشار الاسد على الوضع، وإعلامه بما تنوي روسيا بحثه على طاولة مفاوضات أستانة" وفق المتحدث الذي أضاف أيضاً أن "الروس موقفهم ووضعهم السياسي والميداني في سوريا يختلف عن الأمريكان الموجودين على مسافة عشرات آلاف الكيلومترات ولهم مئات الجنود شرق الفرات والمنطقة الغنية بالنفط، فالروس رغم انتصارهم عسكرياً في سوريا وسيطرتهم على جزء من أراضيها بمشاركة النظام وإيران، إلا أنهم بعد انتصارها العسكري يرغبون في تحقيق مصالحهم الاقتصادية على أرض الواقع، وتريد موسكو أن تستثمر شركاتها في سوريا من أجل مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية والعسكرية، ومن أجل مستقبل وجودها ودورها في الشرق الأوسط وإفريقيا". 
وفي طبيعة الحال، فإن الزيارة الروسية هي للتنسيق والاطلاع على ما ينوي الروس فعله، لأنهم المسؤولون فعلياً عن القرار السوري، ويريدون وفق الخبير السياسي "أن يظهروا مناقشتهم للأسد وتوصلهم إلى نتيجة معينة معه، ولكن الأخير حقيقة ليس في وضع يسمح له بأن يملي رأيه، أو أن يتمسك به إلا في بعض الأمور بتشجيع من إيران لمعاكسة الروس". 
 
رسائل هامة وسط تخوف موسكو من انفجار اجتماعي 
 
ونقل البروفيسور عن مصادر روسية واسعة الاطلاع لـ "القدس العربي" أن "موسكو تصطدم دائماً مع النظام لعدم وجود تعاون متبادل، وأضاف "الروس يدعمون الأسد وموقفه، لكن الأخير يتمرد عليهم لأنه يرى أن روسيا مضطرة لدعمه، وهو يلعب على وتر التنافس بين روسيا وإيران ومن سيدعم أكثر، في وقت يعاني فيه الروس من الجمود، ويجدون أنهم مضطرون لإحداث أي اختراق في الملف السياسي ومفاوضات أستانة للانتقال إلى مراحل أخرى متقدمة". 
 
طبخة روسية – أمريكية 
 
بالنسبة لآفاق الأزمة الروسية رأى الخبير في الشؤون الروسية – السورية، أن هناك طبخة روسية – أمريكية ستنضج قريباً، وقال "سيخرج الروس والأمريكان بتوليفة سياسية معينة، ويمكن أن يكون هناك حل سياسي ما، قريب" وأبدى المتحدث اعتقاده بأن الأمور قد نضجت الآن بسبب الحاح الجانب الروسي نتيجة تضررهم من هذا السكون، وعدم إحراز أي تقدم بالملف السياسي، لذلك سيتم التركيز على موضوع اللجنة الدستورية خلال مفاوضات أستنا كونها مدخل العملية السياسية من وجهة نظر روسيا، وهي لسيت كذلك إلا بقرار أمريكي – روسي". 
وقال "الروس يعرفون تمامًا أن الوضع في سوريا كارثي ولا يمكن أن يستمر لأن النظام سينهار بأي وقت بهذه الحالة، أو ربما تحدث انفجارات جديدة في المجتمع السوري، لذلك كانت زيارة المسؤول الروسي في هذا الوقت الحساس بعدما تعاقبت الأحداث، وأبرزها إعلان فوز بشار الأسد بطريقة معروفة للجميع كما أخرجها مجلس الشعب باقتراع 13 مليون شخص أي 95 % هي كذبة هزيلة".